الأربعاء، 1 مارس 2023

عقد شجرية .... مقاومة الأسر و الكسر


يقوم بعض التجار بعمل مزارع من أجل إنتاج الأشجار بكثافه شديدة، تعيش هذه الأشجار في ظروف غير طبيعية، تعيش ملاصقه لبعضها و تتغذي بأنواع محدده من المغذيات، و نظرا لكونها تحت الأسر فإنها لا تنتج أي ثمار و عدد أوراقها قليل و أغصانها ضعيفه

يقوم مُلاك هذه المزارع بزرع كل أنواع الأشجار و تربيتها لإنتاج الخشب. فيقوموا بتقطيع الخشب من على ساق الشجره كل دورة تكوين و يتركوها لتعاني من آثار القطع حتى تولد لنفسها غطاء آخر من الخشب. فتنظر للأشجار تجدها كإنها ممزقه و مرقعه

هؤلاء التجار هم المسؤلين عن صناعة الورق فكل صناعة تحتاج لخشب ذو طبيعة خاصة و لكن صناعة الورق يدخل فيها كل أنواع الخشب حتى الأخشاب الرديئة. يوجد نوعين من الخشب، خشب صيفي قاسي و خشب شتاء لين فالأوراق اللينة و الخفيفة تصنع من اخشاب الشتاء و الأوراق المتينة الغير قابلة للتقطيع و الأوراق الغير قابلة للثني تصنع من أخشاب الصيف القاسية

قديما كان القطن هو المادة الرئيسية لتنصيع الورق و لكن جودته كانت ضعيفة و أسعاره عالية. و مع الوقت نجح المصنعين في تحويل الخشب لورق، و لكن واجهتهم عدة مشاكل منها أنه لا يمكن تقطيع الخشب بدون قطع الشجرة بأكملها، و الخشب الناتج لونه أصفر و غير شفاف، و أحبار الكتابة لا تلتصق به و لا تدوم عليه. و بالتالي أصبحت جودة الأوراق الخشبية ضعيفة و سمعتها سيئة

و بعد عدة تجارب إستطاع الكيميائيين بعد تعريضه لمواد معينة غيرت لونه إلي شفاف و لجعل الحبر يمسك في الورقه و يظهر و يستمر لفترة طويلة كان عليهم أن يضيفوا مواد حمضية للخشب. و لكن مع الوقت تتأكسد هذه المواد و يظهر للورق رائحة كريهة جعلت الناس يبتعدوا عن ورق الخشب من جديد إلى أن تمت معالجة المشكله بمزيج من المواد القلوية المعالجة للحموضه

و هنا تحول تفكير الناس إلى الزراعه المكثفة للأشجار لإستغلالها في إنتاج جميع أنواع الخشب ثم يقوموا بتقشيرها كل دورة و لكن تبقى الأشجار صامده و لكنها لن تبقى صامته لهذا الأسر و هذا الذل لفترة طويلة و لكنها تقاوم و تقف بشموخ و تحارب من أجل حريتها و تفرض على هؤلاء المزارعين قبولها و تركها مع خشبها

الشجر يعرف تماما كيف ينشئ خشبه و كيف يكونه من جديد و عندما أدرك أن الإنسان قادر على أسره و كسره، نظم لنفسه خشب من نوع جديد، نوع ليس ردئ بالنسبه له و لحياته و لكنه أردئ من أن يستخدمه الإنسان لإنتاج الورق

في العموم إنتاج الخشب في الشجر يعتمد كليا على إتجاه نمو الشجره، الطبيعي أن تنمو الساق لأعلى ضد الجاذبية و الخشب يتكون دائريا لأعلى بفعل هذا الوضع. و لكن نتيجة تغيرات طبيعية أو تجريبية كمن يربط ساقا و يثنيها في إتجاه آخر غير طبيعي لنموها. هنا تقوم الشجره بتكوين نوع آخر من الخشب، يسمى بخشب الضغط بحيث تجده يزداد سمكه عند مناطق التأثير عليه بالضغط و يخف في مناطق الضغط القليل

طبعا هذا النوع من الخشب لا يستمر في النمو مع الساق الجديدة و لكنه يرجع للنوع الأصلي للشجره عندما تعدل الساق زاوية نموها لتكون لأعلى ضد الجاذبية. و لكن التشوه الناتج ينتج خشب ذو طبيعه خاصه من حيث قدرته على تشرب الرطوبه و تحمل الحراره. يستطيع هذا النوع الإنضغاطي من الخشب تشرب كمية كبيره من الماء و الإنضغاط لسمك أقل من الخشب العادي بعد إخارج الماء منه و لكنه أقل قدرة على تحمل الأحمال و الشد فيسهل كسره

هنا الأشجار المتلاصقه تقوم بربط جذوعها مع بعضها لتكون الخشب الإنضغاطي، كما أنها تقوم بعمل عقد ربط متسلسلة ليستمر الخشب الإنضغاطي في التكوين فلا يعرف بنو البشر أن يقطعوه و لن يستفيدو منه

و بالتالي إستطاع الشجر عمل الثورة بصمت على فعل من أفعال الإنسان حاول فيها إستغلاله غصبا و رغما عنه و إستطاع فك أسره و الحصول على حريته

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق