الأحد، 28 أبريل 2024

خصال و هوية و مسؤولية


هل مقولة "الأحمق هو الذي يقوم بالتنبؤ بالمستقبل" تعتبر صحيحة؟ سنأخذ هذه المقوله و نضعها في مسار التربية

يرى بعض الناس انهم لا يستطيعون ان يتنبؤا بمسار حياتهم و لا بمسار حياة أشخاص هم مسؤولين عنهم، و البعض الآخر يؤكد أنهم يستطيعون إذا عرفوا قدراتهم و ذكاءاتهم و طباعهم. طبعا ممكن أن ينتهي طريق الحياة لأناس كثيرين بكوارث رغم مزاياهم الشخصية و آخرين تكمن قدرتهم على مقاومة المعوقات و الضغوطات فيصبحون ناجحين مع خبراتهم في النهاية

الغريب ان علماء النفس يصعب عليهم فعلا ان يجاوبوا على هذا السؤال، فبعضهم يؤكد أن الأنماط الشخصية تتصل ببعضها حتى لو كانت في حالة تضاد و انهم بعدة مقاييس يستطيعون ان يترجموا أداء الشخص في مقابل التغيرات التي يواجهها و بالتالي فيستطيعون التنبؤ بما سيكون، و البعض الآخر و هو الأكثر يعبر عن مدى صعوبة ربط الأنماط و الخصال و خاصة الإجتماعية منها و مقارنتها بإستقرارها و تطورها و يؤكدون ان الدراسات الطولية للشخصية تعتبر من أصعب الدراسات و أطولها

الفكره هنا ان الخصال الشخصية و أنماطها تتحدد من البداية و من الصغر، ففي السنوات الخمس الأولى تعتبر هي المحدده للخصال الأساسية في بناء شخصية الطفل، و عند وقت المراهقة فإنه يؤسس لنفسه هوية يستمد منها ثقته بنفسه من خلال موافقة من حوله من أبويه و أصدقائه. و عندما يصل لرشده تصبح أفكاره و عاداته و مساره المهني و الإجتماعي واضحين

الفكرة الأولى هنا ان الأفراد الذين ينشؤن على معرفة شخصياتهم و يدركون هويتهم مبكرا و يرون قدراتهم بشكل حقيقي - نتيجة رعاية أبوية - يسهل عليهم التفكير في المستقبل و التنبؤ بمآلهم و بالطريق الذي سيسلكوه في حياتهم. أما من ينشؤن وسط رفض من آبائهم و على المعاناة في فهم أنفسهم فلن يستطيعوا ان يحددوا أي وجهة أو هوية

و الفكرة الثانية تتمثل في إستمرار الأزمة بدون حل طوتل سنوات العمر، فيستمر معها محاولة إستكشاف الشخص لنفسه فينشأ لديه قدر كبير من الهم و القلق لإكمال أي إختيار، فيفقد قدرته على الإلتزام و يصبح لديه خوف من التجربة لتكرار الفشل

في العموم إعادة هيكلة الشخصية تأخذ وقتا طويلا عندما يصل صاحبها لمرحلة رشده و العلاج سيكون اطول من حياة الفرد نفسه إذا حاول، فإرتقاء الخصال ذات النتائج السلبية و تحويلها لإيجابية يحتاج كل العمر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق