يقال أنه لا يوجد فائدة من الوعظ و إلقاء المواعظ على الناس فهم لا يتربون إلا بالتجربة و الواقع. أعتقد أن هذا الكلام صحيح و واقعي و يمثل البشر جدا. حتى الطفل الصغير إذا وعظته و خوفته من النار فلن يستمع و لن يبتعد حتى تلسعه و يحترق
لو أن الناس يتعظون بما حدث في التاريخ لوصلت الإنسانية اليوم إلى سلام و رخاء و لو أن ويلات الحرب و الخراب تعظ الناس لإنتهى زمن الحروب من فجر التاريخ. و لكن صناعة الحروب و مصانع السلاح تعتبر من أنشط المصانع و أوفرها مكسب
نحن الآن نرى مأساة الحرب تتكرر في كل مكان عاما بعد عام نرى و نسمع مآسي و أوجاع الناس من ويلات غباء و طمع رغبات البشر في إذلال بعضهم و سرقت الأملاك و الخيرات بالقوة. و يا ليتها تنتهي سريعا و لكنها تستمر لعشرات السنوات
و الأكثر حزنا أنك تجد من العلماء ما يفني عمره في بناء سلاح يدمر و يفتك بالأمم في ثوان. فكأن هذا المفكر إستخدم عبقريته في قتل و سرقة الناس و بلادهم. و إذا تكلمت معه وجدته دائم القراءة في كتب التاريخ كما فعل من قبله عباقرة السفاحين
من يكتوي بنار الحروب ليس الحكام و الساسة و ليس القادة و لكن الخاسر فيها هي الأمم نفسها فالناس تموت و الأمهات تخسر و يعرف الأباء مرارة الفقد و تخرب الديار و تموت الأرض و تنتشر الأوبئة و الخاسر الأعظم هم جنود الحروب ذاتهم فهم من يكتوون بالنار و ينزفون دماءهم و تتفتت عظامهم و تتقطع أوصالهم و تفنى حياتهم و يتساقطون صرعى من أجل هدف زائف أو مجد فان. فكيف لا يعرفون
إننا لا نقرأ الشعر لنصير شعراء و لا نقرأ التاريخ لنحكي القصص ولا نصور الموت و الخراب لأخذ الجوائز و لكن الإنسان على نفسه بصيره و لو ألقى معاذيره
لا تبنى الأوطان و لا تنتج حضارة إلا بالسلم. و يعلم قادة الأوطان و ساساتهم أن الحضارة لا تبنى على أكتاف الجنود الموتى و لكنها تبنى على أكتاف مزارع و صانع و تاجر و طبيب و مهندس و معلم و قاض وصلوا مع بعضهم لمعنى الحرية و التعاون و المساواة و الصداقة و العدالة
تلك هي الفائدة و تلك هى النتيجة و تلك هي كل الحقيقة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق