جلست وحيدا أناشد ذكرياتي، أتأمل فيما مضى و اتنفس الحاضر و أفكر في المستقبل. كم تمنيت أن أتغير، كم تمنيت أن أرجع بالزمن لأعيش حياة أخرى غير التي أعيشها. نظرت للورود في حديقتي ثم غصت في أخلام يقظتي
دخلت في حلم عجيب و كأني أمتلك سحرا عجيبا، سحرا يجعلني أكون ما أريد. فكرت كثيرا قبل أن أقرر. كم تمنيت ان اكون وردة حمراء يأخذني العاشق و يهديني لحبيبته، فتشم عطري و تعتني بي داخل حجرتها. كم تمنيت أن أكون بداخل إبريق شفاف و حولي ضوء الشموع، أسمع تنهدات العشاق و أرى دموع المشتاق
فتحولت لوردة كما تمنيت. و لكني لم أجدني في يد مشتاق و لا بداخل إبريق شفاف. وجدتني داخل حديقة صغيره في شارع مزدحم بالعربات القديمة، يمشي فيه ناس كثيرون و حيوانات في كل مكان. الهواء ملوث و الأرض ملوثه و الماء ملوث
و لكني وردة و سأظل وردة، مهما عشت في أي مكان. هل تعرف ما هي الوردة، إنها رمز الحب و الحياة، رمز الكمال، رمز الأناقة. فهل ستختلف الوردة حسب مكانها سواء اكانت في حديقة أو في قمامة
أشرقت عليا شمس الصباح الجميل و جاءتني نسمات الهواء العليل. تفتحت و فردت أوراقي الحمراء اللامعه، أنادي بها على أصدقائي من النحل، عندي رحيق عذب و لذيذ، تعالوا لنتعانق، فأخذ حبكم و تأخذوا رحيقي
إنتظرت طويلا، فلم أجد غير الذباب يحوم حولي يحاول سرقتي. رأيت كلبا يمشي حولي و يشمني، إرتحت، فعطري أخاذ و قلت في نفسي لا ضرر لأكون صديقة للكلب
نظرت في عينيه فوجدتها حمراء كأنه لا ينام، شعره كثيفا و رائحته منتنه، تخرج من جلده براغيث و قرادات كالديناصورات. ثم جاء الفرج، نزلت عليا ماء كثيره، فقلت لنفسي إنها تمطر الآن، فسيبتعد هذا الكلب الجرب. نظرت للسماء فوجدتها زرقاء لامعه. فتعجبت ما هذه الماء، أرجوك لا تقلها. ثم رأيت الكلب يدوس ماءه حولي ثم نفض شعره و إنصرف
شعرت بحرقة و قرف، كم تمنيت ألا أكون وردة، كم تمنيت أن أكون سمكة. تسبح تحت الماء، تعيش بحرية. تتحرك بسرعه فلا تعيش في شارع و لا تصاحب كلبا به براغيث. تخرج من جحرها فتتمتع بألوان الأصدقاء و تلعب و تلهوا بين الصدف و المرجان
فتحولت لسمكة، نظرت حولي بتخوف لعلني أجدني في وعاء ماء. لا لا يوجد وعاء، هذا ما كنت أتمناه. إنه عالم واسع مليئ بالألوان، ألوان أشياء رأيتها من قبل. و لكن كيف يكون في الماء عربات و أناس و حيوانات. أين الأسماك، أين المرجان و أين تمايل الأمواج
أخذت أترنح ذهابا و إيابا لفترة طويله، اترنح بعنف شديد و لا أعلم أين أنا، أسبح بسرعه في مائي و لكني اصطدم دائما بغلاف شفاف لا أعرف ملمسه. سوف أتمزق من خوفي، هل هي أمواج عاتيه. لا ، لا، إنها هذه الطفلة، صاحبة الأسنان العجيبة. إنها تحاول أن تدخل يدها و تمسكني، تحاول أن تمضغني. لا أريد أن اكون سمكة، يا ليتني كنت عصفورة على شجرة. يا ليتني كنت أطير في سماء الحرية
أطير في الصباح الجميل، أبحث عن طعامي، ألهو و أغرد وسط أصدقائي. أنزل على غصون الأشجار و أرتاح تحت ظلال الأوراق. و في غمضة عين و جدتني مع مجموعة من العصافير في الأقفاص محبوسه. لا تغرد و لا تلهو و لكنها تصدر أصواتا عاليه و كأنها خائفة تصيح. ترفرف بأجنحتها بشدة لعلها تكسر القفص و تطير. و لكنها صدمتني و سقط على الأرض فإنكسر جناحي
أخذتني إمرأة جميلة، لطيفه، و حنونه. و ضعتني في غرفتها فرأيت وردة حمراء في إبريق شفاف و حولها شموع مضاءة و لكنها ممزقة الأوراق. و رأيت سمكة جميلة، و لكنها تسبح وحيدة في وعاء ماء صغير. ثم رأيت نفسي، و أنا بجناح مكسور، في قفص معلق على الحائط. لا أريد أن اكون عصفورة، كم تمنيت أن أكون إنسانا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق