كل يوم منذ سنوات طويلة إعتدت أن أتحدث مع عقلي قبل النوم. أراجع معه أحداث اليوم و أحداث الماضي و ماذا سيكون الغد. أتكلم معه بكلمات غير مرتبة احيانا و غير مفهومه احيانا أخرى، أقول له بضع كلمات لتشجيعه على مواصلة الحوار لكيلا ينام و يتركني
في بعض الأحيان يخبرني بأنني طالما إستطعت أن أتجاوز الماضي و أتأقلم مع الحاضر فإنني سأواجه المستقبل. أنا أخاف من المستقبل، و أخاف من المجهول، و أخاف من الإنسان. و لذلك اتحدث معه كل يوم، فيخبرني بأنه يحبني و أنني سأكون آمنا في الغد
أعرف أنه صادقا معي و لكنني أفترض كثيرا أنه يرغمني على السكوت لينام. يحاول أن يجد المخارج لتقليل توتري ليرتاح مني و من كثرة كلماتي
المثل يقول اذا كان صحبك عسل لا تلحسه كله، و انا أخاف أن أفقد عقلي، فيتركني وحيدا بدونه. مع من سأتكلم، و اسرح. من سيساعدني على إتخاذ قراراتي، من سيقف معي لمواجهة تأنيبات ضميري و شكاوى قلبي
بالأمس في الصباح الباكر، إستيقظت و أنا مليئ بالأفكار و الذكريات، عندي كم هائل من الكلمات التي تثقل كاهلي. عرضتها على لساني فأبى أن يحملها، فذهبت لعقلي لأوقظه و أكلمه، فرفض
رددت عليه بقسوة، كيف و لماذا. هل نسيت نفسك أيها العقل، أنا صاحبك، أنت تجلس في دماغي و بين عظامي. أنا أمتلكك. فعندما أقرر أن أفكر، فستفكر رغما عنك. فهمس لي و قال بأنه سيتركني
بدت كلماته و كأنها الصاعقه، فقلت له هل ستتركني حقا. هل ستترك صديقك، أنت تعرف كم انا محتاج إليك. انت تعرف أنني لا أعرف أن أعيش مع نفسي بدونك. سنوات طويلة تجمعنا، فقدت علاقتي مع كل من حولي بسببك، فأنت من تستوعب غبائي، تحتوي سيئات أفكاري، و تحمني من تقلبات أهوائي
يقول أحد المغنين بأن من أحبونا يستركونا في يوم من الأيام، و لكني لم أتخيل يوما أنك ستتركني، كيف سأعيش وحيدا بدونك. كيف سأعيش أصلا بدونك
أنت سر حياتي و سر حياة جسدي كله. أنا أحتاج و أنت تتحكم، أنا أشتهي و انت تنفذ. أنا لا أستطيع أن أرفع يدي بدونك. أنت لست عقلي فقط، بل كل ما أملك
تكلمت بكل ما في قلبي من كلمات و لكنه أصر على الذهاب. قال أنه سيذهب في المساء، عند نومي، فلا يزعجني برحيله. و في هذه الليلة بالتحديد، شربت القهوة بكثرة حتى إشتكى منها قلبي. لا تشتكي يا قلبي فإني أحافظ على عقلي، لن أتركه يذهب، لن أنام
و لكني نمت، غصت في نوم عميق، أغمضت عيني بدون أن أتكلم معه، نمت و لم أحلم حتى. و لم أفق حتى هذه اللحظة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق