السبت، 24 فبراير 2024

حينما أخبرني عقلي بأنه لا يستطيع العيش معي


كل يوم منذ سنوات طويلة إعتدت أن أتحدث مع عقلي قبل النوم. أراجع معه أحداث اليوم و أحداث الماضي و ماذا سيكون الغد. أتكلم معه بكلمات غير مرتبة احيانا و غير مفهومه احيانا أخرى، أقول له بضع كلمات لتشجيعه على مواصلة الحوار لكيلا ينام و يتركني

في بعض الأحيان يخبرني بأنني طالما إستطعت أن أتجاوز الماضي و أتأقلم مع الحاضر فإنني سأواجه المستقبل. أنا أخاف من المستقبل، و أخاف من المجهول، و أخاف من الإنسان. و لذلك اتحدث معه كل يوم، فيخبرني بأنه يحبني و أنني سأكون آمنا في الغد

أعرف أنه صادقا معي و لكنني أفترض كثيرا أنه يرغمني على السكوت لينام. يحاول أن يجد المخارج لتقليل توتري ليرتاح مني و من كثرة كلماتي

المثل يقول اذا كان صحبك عسل لا تلحسه كله، و انا أخاف أن أفقد عقلي، فيتركني وحيدا بدونه. مع من سأتكلم، و اسرح. من سيساعدني على إتخاذ قراراتي، من سيقف معي لمواجهة تأنيبات ضميري و شكاوى قلبي

بالأمس في الصباح الباكر، إستيقظت و أنا مليئ بالأفكار و الذكريات، عندي كم هائل من الكلمات التي تثقل كاهلي. عرضتها على لساني فأبى أن يحملها، فذهبت لعقلي لأوقظه و أكلمه، فرفض

رددت عليه بقسوة، كيف و لماذا. هل نسيت نفسك أيها العقل، أنا صاحبك، أنت تجلس في دماغي و بين عظامي. أنا أمتلكك. فعندما أقرر أن أفكر، فستفكر رغما عنك. فهمس لي و قال بأنه سيتركني

بدت كلماته و كأنها الصاعقه، فقلت له هل ستتركني حقا. هل ستترك صديقك، أنت تعرف كم انا محتاج إليك. انت تعرف أنني لا أعرف أن أعيش مع نفسي بدونك. سنوات طويلة تجمعنا، فقدت علاقتي مع كل من حولي بسببك، فأنت من تستوعب غبائي، تحتوي سيئات أفكاري، و تحمني من تقلبات أهوائي

يقول أحد المغنين بأن من أحبونا يستركونا في يوم من الأيام، و لكني لم أتخيل يوما أنك ستتركني، كيف سأعيش وحيدا بدونك. كيف سأعيش أصلا بدونك

أنت سر حياتي و سر حياة جسدي كله. أنا أحتاج و أنت تتحكم، أنا أشتهي و انت تنفذ. أنا لا أستطيع أن أرفع يدي بدونك. أنت لست عقلي فقط، بل كل ما أملك

تكلمت بكل ما في قلبي من كلمات و لكنه أصر على الذهاب. قال أنه سيذهب في المساء، عند نومي، فلا يزعجني برحيله. و في هذه الليلة بالتحديد، شربت القهوة بكثرة حتى إشتكى منها قلبي. لا تشتكي يا قلبي فإني أحافظ على عقلي، لن أتركه يذهب، لن أنام

و لكني نمت، غصت في نوم عميق، أغمضت عيني بدون أن أتكلم معه، نمت و لم أحلم حتى. و لم أفق حتى هذه اللحظة

السبت، 17 فبراير 2024

زيتونه ... حب على ورق


إستيقظ إبن الثلاثين من نومه مبكرا على غير العادة، فقد واصل ليلة الأمس مع سهرة الأغاني الرومانسية و الحزينة. يثري على حاله و على محاولاته. يسمع القديم من حليم و الجديد من دياب

ينسج في خيالاته شكل محبوبته و كيف يحب أن يراها. مره تكون بشعر ناعم، و مرة تكون بعيون سوداء، و مرة رفيعة، و مره طويلة

يجلس مع نفسه كثيرا لا يعلم كيف يجدها و إن وجدها فكيف سيبدأ الكلام. سيناريوهات و قصص ينسجها في خياله و يفكر في ماذا سيكون كلامهم و كيف تحدث خلافاتهم و كيف سيحلوها مع بعضهم. يفكر في معاني الود و الرحمه و كيف سيكون طيب القلب معها و يشعرها بحبه و دفئ قلبه

إنه مازال يبحث عنها، يتكلم مع أمه و جيرانه و أصدقائه. هل تعرفونها، هل تعرفون أي واحدة هي حبيبتي. يرى و يسمع من الكثير و يتكلم مع الكثير و لكنه لا يستطيع أن يجدها... فقرر رسمها

أخذ ورقة و قلم و بدأ في الرسم و لما فرغ وجدها قبيحه، قبيحة في عينية، فقرر تعلم الرسم. ذهب لنادي للرسم و جلس يتعلم و يحاول و يرسم و يمزق، ثم يرسم و يمزق. إنه لا يريد أن يرسم أي واحده يراها، إنه يريد أن يرسمها هي، لا أحد غيرها

تعلم رسم العيون و الجفون و تعلم رسم الأفواه و الشفاه و رسم الأذان و الرقاب، ثم تعلم رسم الذراعين و القدمين ثم أتى الباقي و الباقي. يا لها من رسمه جميلة، إنها تكاد تنطق. نظر لها من بعيد و قال نعم إنها أنت. أنت من أريد، أنت من أحب. و لكني رأيتك من قبل، فأين يا ترى

شغلته الفكره بعمق، أين رأها و إلتصقت صورتها في قلبه و سرقته يديه و أخرجتها كرسمة على الورق، إنها حبه، حبه هو و ليس أحد غيره. غير مسموح أن يسرقها أحد منه و لا حتى يديه.أسرع ليأخذ الصورة و يمزقها، لن تسرقها يداي من قلبي ثانية، ستكوني في قلبي و عيني دائما. لابد أن أمزقك. ثم تذكر

صرخ بأعلى صوته لقد تذكرت أين رأيتها، لقد تذكرت حبيبتي، و لكن هل هذا فعلا حقيقي، هل أنت زيتونه. زيتونة الحب الوحيد لأقوى رجل في العالم. كيف سأتمكن من الحصول عليكي، كيف أسرقك منه و آخذك معي، كيف سأقاتل رجلك و أغلبه، كيف سأتجنب أن أفقدك بعد أن تذكرتك

الحل الوحيد الذي لا يوجد مفر منه هو أن أدخل بينكم كرسمة على الورق، أكون فيها الرجل الأقوى و عضلاتي هي الأضخم. أستطيع أن أتقاتل مع من يجد قوته في علبة السبانخ

السبت، 10 فبراير 2024

آدم ... الحب الأول و الأخير


إستيقظ الولد حوالي الثالثة صباحا، يشعر بعطش شديد، فخرج من غرفته و إتجه للمطبخ ليشرب. دخله فرآى شعاع نور قوي يدخل من الشباك

تعجب و ذهب ليلقى نظرة من الشباك على مصدر هذا الضوء العجيب. رآى أمامه في البيت المقابل لهم أجمل بنت في الوجود. إنها تشع بياضا و جمال. يخرج منها الضوء و كأنها شمس الصباح. غاص الولد في حب جمالها ثم قال في نفسه بصوت غير مسموع، ما أحلاك و ما أجمل جمالك. سمعته الفتاة ثم رفعت عينيها و نظرت إليه نظرة قاسيه ثم أغلقت شباك غرفتها بعنف

لم يعرف الولد طعم النوم في هذه الليلة و جلس يفكر فيها و يسرح في جمالها. و في الصباح ذهب لشباك المطبخ ليسرق نظرة أخرى على غرفتها لعلها فتحت شباكها

نظر من شباك المطبخ و دخل في قلبه الفزع، ما هذا، لا أرى شيئا. لا يوجد أمام الشباك إلا منزلا قديما متهالك بدون شبابيك و يبدو أنه غير مسكون. تعجب الولد من المنظر و كاد أن يخرج من شباك مطبخه يتفقد المكان بوضوح، أين إختفت غرفة الفتاة. لقد رآها بعينيه. كيف تعيش في هذا المكان الموحش و الغريب

و في المساء بعد أن نام جميع أفراد عائلته، جلس بهدوء شديد في المطبخ يسترق النظر من الشباك، منتظرا نورا يخرج من الغرفه. إنتظر حتى نام

و بعد منتصف الليل بقليل، إستيقظ على صوت همهمة غريبه، كأنه يفهمها و لكنه لا يستطيع تميز كلماتها، قفز من مكانه و نظر في الشباك. رأى البنت، رآها ثانية، دقق النظر فيما رآه هذه المره و لكنه ذهل

رأى شعرها الأصفر الناعم يتدلى من سماء حجرتها و كأنها تقف بالمقلوب و شعر بأنها تترنح للأمام و للخلف و تضع يدها حول وجهها و تتكلم بصوت منخفض جدا. شعر الولد بريبة شديدة و دخل الفزع في أحشائه و دق قلبه. تراجع و جلس على بلاط المطبخ ليفكر، ما هذا الذي أراه

حاول أن يهدأ من روعه، حاول أن يتكلم مع نفسه و لكنه لا يستطيع أن يفهم، أقنع نفسه بصعوبه أن يعاود النظر من جديد، ينظر لفتاته، لحبه. ينظر من جديد لعله يفهم لماذا تقف بالمقلوب

رفع رأسه ببطء من شباك المطبخ و لكنه لم يرى شيئا، لقد إختفت الفتاة، إختفى الضوء و إختفى الشعر الأصفر. هدء قلبه و شعر بإرتياح و لكن عينيه وقعت على عيون غريبه في ظلمة الغرفه. عيون كأنها خضراء لامعه و لكن لونها خافت، دقق النظر و أجمع تركيزه على مكان العيون

و بسرعه شديده خرج من الغرفه طائر، قفز أمامه بسرعة البرق. طائر أبيض غريب، كأنها بومه و لكنها بيضاء و عيونها خضراء. أطلقت صرخه سمعها جيدا، سمعها و كأنها تقول آدم أيها اللص سوف آتي إليك

أضاء آدم نور غرفته و جلس فيها يفكر، لم ينم في ليلته، لقد دخل الرعب في قلبه، كيف تكون بومه، و هل هي البنت، هل تتحول البومه لبنت، و كيف تكون بهذا الجمال، و لكنها .... كيف تعرف إسمي، و لماذا قالت أني لص

هدأ خوفه بعد فترة و قرر أن يستلقى على السرير لينام، أطفئ نور غرفته و إستلقى. و في هدوء الليل سمع صوتا داخل غرفته، صوتا كأنه همهمه و لكنه لا يسمعه ليفهمه.

فتح عينيه على آخرهم، إنه نفس الصوت، صوتها. إنها تعرفني، لقد قالت سوف آتي إليك و لقد جاءت، سوف تقتلني، سوف تأكلني. تجمد آدم على سريره كأنه لوح من الخشب، لا يحرك حتى جفون عينيه، يتنفس بعمق وكاد قلبه أن ينفجر

شعر بأن شيئا يمشي في الغرفه، يسمعه و لكنه لا يراه. إنه لا يريد أن يراه، سيتجمد و يتحول لصخره إذا رأى عيونها، إنها بومة الموت

هدأ الصوت و هدأ قلب الولد، نظر لباب غرفته فرآى شيئا معلقا في الظلام من سقف غرفته و كأنها ورقه مربوطه بخيط. تخرج من الورقه رائحة نفاذه و غريبه. قفز من سريره و أمسك بالورقه و فتحها فوجد فيها كلمات تشع ضوءا أخضر باهتا. مكتوب فيها لقد سرقتي و سرقت ضوئي مني، إنه ملكي أنا. لقد دخل الضوء في عينيك و يوما ما سأسترده

السبت، 3 فبراير 2024

أنتِ روح حياتي


عرفتك أول ما عرفتك من خلال نور إنبعث من كتاب أحزاني، كتاب أكتب فيه خواطري و أيامي. مصادفة كتبت فيه إسمك فخرج نور من حروفه. في لحظة رأيتك، رأيت روحك و عيونك. أضأت لي فكري و وجداني، تملكني اليقين بأنه أنتِ و لا أحد سواك

أضاءت لي سبل السعادة و الحكمة. لقد فهمت أفكاري، تخليت عن نظرياتي و إيماناتي، أيقنت بنفسي و بقدراتي. أحببتك. و أصبحت أتغذى من حبك، وقتها عرفت معنى الحياة و عرفت و فهمت مصيري

قبل أن أراى نورك كنت أتصارع مع عقلي و قلبي، مع المكتوم و اللامعقول، كنت أرفض و أنقد و أعترض و أثور. شعرن بكلمات حبك فتآلفت و تآخيت مع كل الأشياء. أصبحت أرى الحب في منطقية تناقضي و لامعقولي

أنا الذي إخترتك، بإرادتي و بقراري، بحريتي و بوعي. أول ما رأيتك شعرت بحريتي، شعرت بإنسانيتي، رأيت وجودي. أتمتع و أسعد برؤيا إسمك فأغمض عيني و أغرق في تأملك. أنتِ ملكتي كل تأملاتي

قبلك كنت منشغلا بفكرة موتي، هي موضوعي و كلماتي، كنت أرفض حياتي و أقبل فنائي. كنت أتأرجح بين تشبثي بحياتي و إختيار طريقة لنهايتي. و حين عرفتك تيقنت من إختياري

أنتِ كل حياتي و كل وجداني. علمتني فن الحياة و فن الحب. أنا لن أصارعك و إنما أصادقك، لن آمرك و لكني أشاركك، لن أستقوى عليك بل أتعاطف معك، لن أشك و إنما أتفهم، و لن أخون أبدا

حين أحببتك، خرجت من جمودي،إستيقظت من سباتي، و تحركت من ركودي. تغيرت، و تجددت، و تطورت. لم أعد أفكر كما كنت، تخلصت من كل أفعالي الساذجة، تساميت بفطرتي حتى وصلت للنقاء. حبيبتي أنتِ روحي، و أنتِ حياتي، و أنتِ روح حياتي