في أواخر سنة ٢٠١٠ دخل ولد إسمه أحمد عنده ١٥ سنة تقريبا الميتشفى . الولد كان طويل و رفيع جدا . جاله سرطان عظم في عظمة الفخذ . و لما إتحجز البروتوكول العلاجي بيقول بتر الرجل الأول و بعد كدا يبدأ كيماوي . و الولد جاي مع أبوه المستشفى
و علشان هو يعتبر طفل فكان الحجز بتاعه في عنبر الأطفال فقلنا للأب لازم أمه أو واحده ست تقعد معاه علشان الجناح كله أمهات فقال إنه منفصل مع الأم . و الأم مسافره برا مصر بتشتغل . فكان الحل إن الولد هيتحجز على سرير كبار في عنبر الرجال و أبوه يقعد معاه
الولد دخل العمليات و رجله تم بترها و بعدها دخل الرعاية لحد ما حالته تستقر . في الرعاية جاله ميكروب - VRSA - مقاوم لأنواع كثيره من المضادات الحيوية و كان المضاد الحيوي الوحيد إلي ينفع معاه إسمه linezolide و مكنش موجود ساعتها في المستشفى . و على الأب إنه يشتريه من برا
فقلت للأب عاوزين نشتري الدواء و كان ساعتها إسمه التجاري زيفوكس zyvox و كانت الجرعه الواحده ب ٢٠٠ جنيه تقريبا . و الجرعه المكتوبه للولد كانت ٣ جرعات يوميا لمده ١٠ أيام يعني عاوزين حوالي ٣٠ جرعة ب ٦ ألاف جنيه . فالأب قال ماشي خلينا نشري يوم بيومه . المهم ، جبنا ٣ جرعات لأول يوم
تاني يوم رحت للأب علشان نجيب باقي الجرعات لقيته مش موجود مع الولد ، كلمته في التلفون ، قالي يا دكتور هو مفيش غيري تاخذ منه فلوس ، حقيقي مبقتش عارف أرد عليه . قلتله أمال أروح لمين ، قالي بكل وضوح ، روح لأمه . أصلها مسافره و هي إلي بتصرف عليه و أنا براعيه و باخد بالي منه . قلتله خلاص كلم أمه تبعت . قالي مش لازم دا هي جايه من السفر بكرا . ماشي دا بكرا ، طب خلينا في النهارده ، هنعمله إيه ........... قفل السكه و مردش تاني أبدا
كلمت الدكتوره المسؤولة عنه و قالت خلاص ندي مضاد حيوي تاني - vancomycin - بس هنزود الجرعه لحد ما أمه تيجي و تجيب الدواء
ثالث يوم صباحا ، الأم وصلت بشنط السفر أصلها جاية من المطار على المستشفى علطول ، قلنا الحمد لله . يا أم أحمد إنت تعرفي موضوع الدواء قالت أيوا أبوه كلمني . إتفضل يا دكتور خذ الغوايش ده بيعها و هات بها الدواء لأني مش معايا فلوس مصري ما أنت عارف أنا لسه جايه من المطار . طبعا قلتلها مش هينفع ، أنت روحي بيعيهم و كلميني من الصيدلية علشان أقول للدكتور إسم الدواء . و الأم مشيت و أخذت معاها شنطها كلها
عدى ساعتين ، ثلاثه ، أربع ساعات و لسه مجتش و معاد الجرعه هيعدي . كلمتها في التلفون ، مش بترد . طلبتها تاني و تالت ، قامت قفلت التلفون . يا نهار مش فايت . مبقتش عارف هنعمل إيه . قمت مكلم الأب و طبعا مش بيرد عليا . كلمت عم الولد ، رد عليا و قالي هجيب فلوس و هجيلك المستشفى .... و طبعا طبعا مجاش
طب هعمل إيه ، كلمت كل أصحابي إلي موجودين في الشفت و لميت تمن جرعتين و كلمت صاحب الصيدلية فإتبرع بالجرعه الثالثه . الحمد لله يوم كمان أحمد هياخذ دواه
رابع يوم رجعنا للدواء الضعيف من تاني و طبعا إستجابة الولد للمضاد الحيوي ضعيفه جدا و الولد بدأ يسخن من تاني . و المره ده ضغطه وطي و بدأ لونه يصفر و يدخل في حالة توهان
على اليوم السادس جاله تسمم دم و مات
و المصيبة الكبرى إن إحنا مش عارفين نكلم حد علشان يأخدوه ، محدش بيرد علينا خالص لا الأب و لا الأم و لا العم . و بعد ٣ أيام في الثلاجه أخيرا العم رد عليا و إتفاجئ و تاني يوم جه الأب و الأم مع الأقارب و الجيران و الأصدقاء و أخذوه
كله بخل على علاجه ، أبوه و أمه و عمه ..... ربنا يرحمه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق